الجلسة الرابعة



الجلسة الرابعة من محاكمة صدام ورفاقه في قضية الدجيل



ـ لا يزال برزان يمارس تكتيكاته لإحراج الشهود وإضعافهم، فحين تحدث أحد الشهود متوارياً خلف الستار علق برزان على فعله هذا بنهيه عنه! وقال لا تختفي فنحن نعرفك، والجميع يعرفك، بل أنا أعرفك! وبسهولة ستنعرف ونحن ليس لدينا شيئاً ضدك لكننا ندعوك لتقول الحقيقة! ولنتأمل كيف يتلاعب برزان بهذه الألفاظ حتى لا يتهم بأنه يهدد الشهود بأنهم معروفون، وإذا قالوا ما هو ضدهم فسيتم الانتقام منهم، إنها حيلة لم يتفطن لها القاضي رزكار محمد أمين لأن بديهته بطيئة للغاية إن لم تكن تعطلت هذه المرة.

ـ برزان يكذب هذه المرة بشكل مفضوح، وكذبته هذه لا تنطلي على عراقي واعٍ أو عربي عارف بشؤون العراق، فهو يزعم أن الأمن العام ومديره فاضل البراك هم من تولوا التحقيق في هذه القضية؛ لوقوعها في اختصاصهم؛ وعليه فهو ينفي علاقة المخابرات بها فضلاً على أن تكون من شؤون رئاسة الجمهورية أو غيرها، طبعاً هذا كلام ساقط ولا حقيقة له، فمن المعلوم أن المخابرات تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في العراق، ثم إن هذه الحادثة تمس الأمن القومي للعراق باعتبار أن المستهدف فيها هو الرجل الأول في البلاد، ومن المعلوم بالضرورة أن التعامل معها يدخل مباشرة في شؤون المخابرات، هذا طبعاً إذا ناقشنا القضية نظرياً واستبعدنا ما تم تأكيده من أن صدام أمر المخابرات فوراً بالتعامل مع هذه القضية، وأثناء حديث برزان علق صدام بكلام لم نتبينه لكن يبدو منه الاستحسان والإعجاب لكنه أيضاً مشوب بشيء من السخرية العابثة، وكأن حيلة برزان أعجبته واستغفاله للحضور راق له.

ـ يقول صدام: الغرض من هذه المحاكمة هو الإساءة إلى مسيرة 35 سنة بنينا فيها العراق العظيم بدمع العين وأهدابنا!! وتعليقي على هذا الكلام أنه صحيح شريطة استبدال بنينا بهدمنا، وليتي أعلم أي حرقة استبدت بأكباد العراقيين حين سمعوا هذه الكلمة ممن كان رئيسهم طوال 35 سنة!

ـ صدام يقول أن العراقيين جميعهم أخوانه حتى الذين يجنحون منهم! وأتساءل بغيظ: أي أخوة عندك لهم وأنت لا تتوانى في قطع رقبة كل من يجرؤ منهم على مخالفتك؟! وأي أخوة يحملونها لك واسمك لا يرد على مسامعهم إلا وترتعد معه فرائصهم، قُل غير هذا يا صدام حتى نصدقك!

ـ ثقة القاضي رزكار أمين في نفسه وحرصه على مهنيته دفعته إلى تحمل نزق صدام وبرزان اللذين استطردا كثيراً في دفاعهما عن نفسيهما وقاطعا القاضي والشهود والادعاء أكثر من مرة، وهذا أمر يُحسب للقاضي لا عليه، لكن أكثر الناس لا يعلمون.

ـ محامي صدام نجيب النعيمي يحاول أن ينتزع نفياً من أحد الشهود بأن صدام لم يرتكب جريمة في الدجيل وذلك أن مهد لهذا النفي بسؤالين وجههما إلى الشاهد وهما: هل رأى الشاهد إبادة جماعية أمام عينيه؟ وهل رأى جرائم حرب ترتكب أمامه قام بها السيد الرئيس صدام حسين؟ وعندما كانت إجابة الشاهد بالنفي وضع أمامه نتيجة إجابته بطريقة ذكية وهي: يعني لا يوجد شيء قام به الرئيس ضد الإنسانية! وانتظر بحرقة أن يؤمن الشاهد على ما قرره! لكن القاضي رزكار تدخل وأفسد عليه تكتيكه بأن نبه النعيمي إلى أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مصطلحات لا يعرف الشخص العادي دلالاتها والأحوط والأسلم أن يكون السؤال: هل رأيت جريمة أمامك من قتل أو ما شابه ذلك؟ والطريف أن الشاهد لم يكن يحتاج إلى كل هذه المراحل من الأسئلة التكتيكية من قبل النعيمي لأنه في الأخير نفى للقاضي أن يكون شاهد أي جريمة قتل أو نحوها ترتكب أمامه!

ـ صوت بعض الشهود غير واضح للمشاهد بسبب استخدام المحكمة لتقنية تغيير الأصوات حتى لا يُعرفوا! لذلك أجدني مضطراً لتجاوز بعض مراحل هذه الجلسة؛ لأني أرى الاستماع لهذه الشهادات المغمغمة إضاعة للوقت وتبديداً للجهد، كما أن أغلب الشهادات متشابهة ولا تختلف عن بعضها حتى يكاد يقع في نفسك أحياناً أنه تم تلقينهم ما يقولونه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات متاحة للجميع